سلطات تنفيذ قوانين الصحة والسلامة (سلطة الإنفاذ)
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. سلطات تنفيذ قوانين الصحة والسلامة (سلطة الإنفاذ) هي أحد الأذرع الحكومية في جهاز الدولة لتطبيق قوانين الصحة والسلامة وسنقوم بإستعراض بعض الحقوق والمسؤوليات الخاصة بهذا الذراع في هذا المقال
من أين أتت هذه السلطة؟
ينبع مفهوم وكالات أو سلطات الإنفاذ من منظمة العمل الدولية, وتتكون هذه المنظمة من أكثر من 180 دولة عضو
تقوم هذه الدول بكتابة وتمرير القوانين الخاصة بالعمل وحقوق العمال ومسؤوليات أصحاب العمل والعديد من المسؤوليات الاخرى. عادةً ما تكون مخرجات هذه المنظمة على شكل
ما هي إتفاقيات منظمة العمل الدولية؟
وهي أحد المخرجات الناتجة من منظمة العمل الدولية. يتم اقتراح هكذا اتفاقيات على مجلس المنظمة ويتم التصويت عليها من قبل كافة الدول الأعضاء. إذا صوت ثلثين أو أكثر من الدول الأعضاء بالموافقة على الإتفاقية فيتم تمريرها وتصبح جزءاً من القانون الدولي الذي يحكم الدول الأعضاء وتصبح كافة دول المنظمة ملزمةً بتطبيق الإتفاقية وموادها بعد 12 شهراً من تاريخ المصادقة عليها وهذا الوقت ممنوح من قبل مجلس المنظمة لكي يسمح لكل دولة بالتصويت على الاتفاقية وتفعيلها في حسب القوانين والأعراف لكل دولة مع المحافظة على محتواها الجوهري بدون تغيير
وعادةً ما تكون المواد الواردة في هذه الإتفاقيات عامة ولا تحتوي على شرح
ما هي توصيات منظمة العمل الدولية؟
وهي احد المخرجات الناتجة من منظمة العمل الدولية وتكون بطبيعتها مكملةً للإتفاقيات ولا تحتاج لأي تصويت من قبل الدول الأعضاء. إذا قامت إحدى الدول بإتباع محتوى الإتفاقية, فهذا يدل على وعي عالٍ وروح إلتزام ممتازة ويظهر جديةً في تمكين الإجراءات التي تهدف إلى إثراء ثقافة الصحة والسلامة في تلك الدولة وعادةً ما تكون المواد الواردة في هذه التوصيات خاااااااصة ومحددة أكثروتحتوي على شرح مع تفاصيل أكثر
مقارنة اخرى بين هذه وتلك
ولله تعالى المثل الأعلى ولكن
إذا قمنا بتشبيه الإتفاقيات والتوصيات بأشياء مقدسة لدينا كمتدينين, فيمكننا أن نقول أن الإتفاقيات هي أشبه بالقرءان الكريم حيث أن كل ما ورد به موثوق ويجب إتباعه والتوصيات تكون ككتب التفسير. مما يعني أنه يمكننا أن نتبع التوصيات فهي كما وصفت بإسمها (توصيات) لكن ما ورد في الإتفاقيات تكون قوانين ولابد لنا أن نتبعها حرفياً بكل تفاصيلها
أيهما نتبع إذاً؟
لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم أن نصلي ونصوم ونتزكى ونحج ونفعل الخيرات وووووو وأيضاً أمرنا أن لا نفعل الكثير من الأمور لكن لو جئنا لأرض الواقع, فإن القرءان الكريم (الإتفاقيات) لا يعطينا تفاصيل الصلاة ولا الصوم ولا الزكاة ولا ولا ولا ولا ولا لذلك, لابد لنا أن نتبع علماء الدين والمرجعيات الشريفة لكي يفسروا لنا ما لا نعلمه (والمقصود هنا هم علماؤنا في علوم الصحة والسلامة من مهندسين وأطباء وووو إلى آخره) وأقصد بهذا التوصيات حيث أنها توفر كماً هائلاً من المعلومات التي لم تذكر في الإتفاقيات وبذلك نسنتنج أنه علينا أن نتبع كليهما (الإتفاقيات والتوصيات)
كيف يتم إنشاء قوانين الحكومة أو الدولة؟
إن اتفاقيات منظمة العمل الدولية وتوصياتها مكتوبتان بقدر كبير من التفصيل بحيث تمكن البلدان والمنظمات وأصحاب العمل من استخلاص الحد الأدنى من القواعد والمتطلبات الخاصة بهم. لذلك، تستخدم البلدان/الحكومات الاتفاقيات والتوصيات كأساس لما تحتاجه وتبني قوانينها الخاصة عليها ويتم أيضاً إضافة القوانين والأعراف اللائقة بتلك الدولة ويتم التصويت عليها في البرلمان وثم يتم تعميمها على كافة الشركات وتكون هذه إحدى الامور التي يجب أن يوقع عليها المدير التنفيذي للشركة عند التقديم بطلب ممارسة أعمال بأي دولة وإن أي خرق لهذه القوانين أو الأعراف, يضع الشركة في مأزق قانوني
كيف يتم إنشاء وكالات الإنفاذ؟
بعد أن تقوم الحكومة أو الدولة بسن القوانين الخاصة بهذا المجال بإستشارات دولية ومحلية, عادةً ما تقوم بإختيار الناس الأكفاء سواءً من الداخل أو الخارج ويتم تكليفهم بتدريب نخبة من الضباط وعناصر الشرطة والدفاع المدني ورجال القانون ومختصصي الصحة والسلامة في كافة المجالات ويتم أيضاً تخصيص غرف خاصة في المحاكم لمحاكمة هكذا قضايا وإجراءات وزارية كثيرة تقوم بها الجهات المختصة. عادةً ما تكون هذه الوكالة جهةً تابعةً للشرطة أو تعمل جنبًا إلى جنب مع الشرطة
ما هي مسؤوليات أصحاب العمل تجاه الموظفين؟
ورد في المادة 16 من إتفاقية منظمة العمل الدولية 155 ما يلي
يتعين على أصحاب العمل التأكد، بقدر الإمكان عمليًا، من أن أماكن العمل والآلات والمعدات والعمليات الخاضعة لسيطرتهم آمنة وخالية من أي خطر على الصحة
يتعين على أصحاب العمل أن يضمنوا، بقدر الإمكان عمليا، أن المواد والعوامل الكيميائية والفيزيائية والبيولوجية الخاضعة لسيطرتهم خالية من أي خطر على الصحة عند اتخاذ تدابير الحماية المناسبة
يجب على أصحاب العمل أن يوفروا، عند الضرورة، الملابس الواقية الكافية ومعدات الحماية للوقاية، بقدر الإمكان عملياً، من مخاطر الحوادث أو الآثار الضارة على الصحة
كما قرأنا, فإن النقاط التي وردت أعلاه ليست واضحة تماماً وتتكلم بشكل عام عما يجب فعله في مكان العمل, لذلك يجب أن نلجأ للتوصيات حيث سنجد محتوىً أغنى ومعلومات أكثركما هو موضح أدناه
ورد في المادة 10 من توصية منظمة العمل الدولية 164 ما يلي
10- يمكن أن تشمل الالتزامات المفروضة على أصحاب العمل لتحقيق الهدف المنصوص عليه في المادة 16 من الاتفاقية، حسب الاقتضاء لمختلف فروع النشاط الاقتصادي ومختلف أنواع العمل، ما يلي
توفير وصيانة أماكن العمل والآلات والمعدات، واستخدام أساليب العمل، التي تكون آمنة ولا تشكل خطراً على الصحة بقدر الإمكان عملياً
تقديم التعليمات والتدريب اللازمين، مع مراعاة وظائف وقدرات مختلف فئات العمال
توفير الإشراف الكافي على العمل، وممارسات العمل، وتطبيق واستخدام تدابير السلامة والصحة المهنية
وضع ترتيبات تنظيمية تتعلق بالسلامة والصحة المهنية وبيئة العمل تتكيف مع حجم المنشأة وطبيعة أنشطتها
توفير ملابس ومعدات الحماية الشخصية الملائمة للعامل، دون تحمل أي تكلفة، والتي تكون ضرورية بشكل معقول عندما لا يمكن منع المخاطر أو السيطرة عليها بطريقة أخرى
التأكد من أن تنظيم العمل، وخاصة فيما يتعلق بساعات العمل وفترات الراحة، لا يؤثر سلباً على السلامة والصحة المهنيتين
اتخاذ جميع التدابير العملية بشكل معقول بهدف القضاء على الإرهاق الجسدي والعقلي المفرط
إجراء الدراسات والأبحاث أو مواكبة المعرفة العلمية والتقنية اللازمة للامتثال للبنود السابقة
ما هي مسؤوليات العمال – الموظفين تجاه صاحب العمل؟
ورد في المادة 19 من إتفاقية منظمة العمل الدولية 155 ما يلي
يتعاون العمال أثناء أداء عملهم مع صاحب العمل في تنفيذ الالتزامات الملقاة على عاتقه
يتعاون ممثلوا العمال في المنشأة مع صاحب العمل في مجال السلامة والصحة المهنية
تزويد ممثلي العمال في المنشأة بمعلومات كافية عن التدابير التي يتخذها صاحب العمل لضمان السلامة والصحة المهنيتين، ويجوز لهم استشارة المنظمات التي تمثلهم بشأن هذه المعلومات بشرط ألا يكشفوا عن الأسرار التجارية
حصول العمال وممثليهم في المنشأة على التدريب المناسب في مجال السلامة والصحة المهنية
تُتاح للعمال أو ممثليهم، وحسب الحالة، المنظمات التي تمثلهم في المنشأة، وفقا للقوانين والممارسات الوطنية، التحقيق في جميع جوانب السلامة المهنية واستشارتهم من قبل صاحب العمل بشأنها والصحة المرتبطة بعملهم ولهذا الغرض، يجوز، بالاتفاق المتبادل، جلب مستشارين فنيين من خارج الشركة
يقوم العامل بإبلاغ رئيسه المباشر فوراً عن أي موقف يعتقد أنه يشكل خطراً وشيكاً وخطيراً على حياته أو صحته. وإلى أن يتخذ صاحب العمل إجراءً علاجيًا، إذا لزم الأمر، لا يمكن لصاحب العمل أن يطلب من العمال العودة إلى وضع العمل حيث يوجد خطر مستمر وشيك وخطير على الحياة أو الصحة
تعلمنا للتو مسؤوليات أصحاب الأعمال ومسؤوليات العمال وأي خرق لهذه المسؤوليات يضع الشركة ومدراءها تحت مجهر القانون المتمثل بوكالة الإنفاذ أو سلطة أو وكالة تنفيذ القانون
ما هو دور هذه الوكالات او السلطات؟
يتمثل دور هذه الوكالات او السلطات بالتالي
تقديم المشورة
تقوم سلطات الإنفاذ بتوفير نسخ من القوانين التي تنطبق على المؤسسات او الشركات كل حسب فئتها وتوفر أيضاً النصيحة على كيفية الإلتزام بالمعايير والقوانين
التحقيق في الحوادث
بعد وقوع حادث ما في أي مكان عمل, من الممكن أن يأتي مفتشوا الصحة والسلامة من وكالة الإنفاذ الى موقع الحادث والبدء بالتحقيق لمعرفة الأسباب السطحية والأسباب الجذرية لوقوع الحادث. كما يحق للمفتش أن يأخذ عينات من موقع الحدث وإفادات الشهود وصور وقياسات كيفما شاء
إتخاذ اجراءات غير رسمية ضد الإنتهاكات الصغيرة
يحق لممثلي هذه الوكالة أن يأتوا إلى أي موقع عمل ضمن مجال ومنطقة مسؤوليتهم وإجراء تفتيش معلن أو مفاجيء على أي جزء من الشركة (طالما كانت العمليات في ذلك الموقع تسمح بذلك ولا يشكل التفتيش خطراً على أحد) وإتخاذ إجراءات غير رسمية ضد أي إنتهاكات صغيرة وعادةً ما تكون هذه الإجراءات على شكل قائمة تحسينات ويطلب من صاحب العمل إجراء تغييرات وتحسينات لمكان العمل خلال فترة زمنية محددة ويتخذ هذا الإجراء إذا كانت الإنتهاكات لا تشكل خطراً فورياً على الصحة والحياة
إتخاذ اجراءات رسمية ضد الإنتهاكات الكبيرة
يحق لممثلي هذه الوكالة أن يأتوا إلى أي موقع عمل ضمن مجال ومنطقة مسؤوليتهم وإجراء تفتيش معلن أو مفاجيء على أي جزء من الشركة (طالما كانت العمليات في ذلك الموقع تسمح بذلك ولا يشكل التفتيش خطراً على أحد) وإتخاذ إجراءات رسمية ضد أي إنتهاكات كبيرة وعادةً ما تكون هذه الإجراءات على شكل قائمة تحسينات ويطلب من صاحب العمل إجراء تغييرات وتحسينات لمكان العمل خلال فترة زمنية محددة, ويرافق قائمة التحسينات هذه أمربإيقاف كافة الفعاليات في جزء محدد من مكان العمل أو مكان العمل عامةً. ويتخذ هذا الإجراء إذا كانت الإنتهاكات تشكل خطراً فورياً على الصحة والحياة
إتخاذ إجراءات قانونية جنائية ضد الأشخاص الذين يعتقد انهم إرتكبوا انتهاكات
بعد الزيارة أو الزيارات الميدانية أو بعد ظهور نتائج تحقيق الحوادث, يحق لوكالة الإنفاذ أن تتخذ إجراءاتٍ قانونية جنائية ضد منتهكي قوانين الصحة والسلامة في الشركة وفي مواقع العمل. وعادةً ما يتم توجيه التهم إلى المدير العام أو أعضاء مجلس الإدارة (الإدارة العليا) أو المدراء الموجودون في الموقع (الإدارة المركزية أو الإدارة الوسطى أو قد يسميها البعض الإدارة الميدانية) وسبب توجيه التهم الى هذه الفئة هو أن الإدارة هي المسؤول الأول عن صحة وسلامة العمال في الموقع أمام القانون. وينتج عادةً من هكذا تهم غرامات مالية ضد هؤلاء الأشخاص أو الحكم بالسجن لفترة تحددها دور القضاء المختصة بهذه القضايا أو الإثنين معاً
إتخاذ إجراءات قانونية جنائية ضد الشركات التي يعتقد انها ارتكبت انتهاكات
بعد الزيارة أو الزيارات الميدانية أو بعد ظهور نتائج تحقيق الحوادث, يحق لوكالة الإنفاذ أن تتخذ إجراءاتٍ قانونية جنائية ضد المؤسسات التي انتهكت قوانين الصحة والسلامة في مواقع العمل. ويتم توجيه التهم إلى المؤسسة لكونها كياناً قانونياً. بعض على الكيانات القانونية (جوجل, آبل, مايكروسوفت, فيسبوك, الى اخره) وسبب توجيه التهم الى هذه الكيانات هو أن الشركة أو المسسة أيضاً مسؤولة عن صحة وسلامة العمال في الموقع أمام القانون. وينتج عادةً من هكذا تهم غرامات مالية ضد الشركات او المؤسسات بمبالغ تحددها دور القضاء المختصة بهذه القضايا
وكالات الإنفاذ في الشرق الأوسط
يكاد يكون وجود هكذا وكالات في الوطن العربي أو الشرق الأوسط شبه معدوماً (إلا ما رحم ربي) وإن وجدت في أحد البلدان, فإنها تفتقر إلى الخبرة أو أنك تسمع بها فور وقوع حادث ما لأنها تكون تفاعلية (تتصرف بعد الحدث) بدل أن تكون إستباقية (تقوم بعمليات التفتيش الإستباقية) كما ذكرنا أعلاه. نحن في الوطن العربي من الخليج إلى المحيط نسمى بدول العالم الثالث أو الدول النامية لأننا بعيدون جداً عن هكذا إجراءات وهكذا قوانين وفي الدول العربية التي لها هكذا سلطة أو وكالة إنفاذ, فعادةً ما تكون تحت تأثير سياسي أو مادي من جهة أو أخرى
الكلمة الأخيرة
أسأل الله العلي القدير أن يمتعنا جميعاً بقوانا العقلية والجسدية وأن يمن علينا بالصحة والسلامة أينما كنا و أتمنى أن اكون قد وفقت في تقديم هذه المادة والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
المادة 16